تبدأ الخطوبة بأحلام وردية تبنيها كل فتاة لما تعيشه قبل الزواج من مشاعر وعواطف دافئة وتعتقد أن حياتها بعد الزواج سوف تسير على وتيرة أجمل وأحلى من عالم وردي، وأحلام ومشاعر لا تنتهي ، ولم يخطر ببالها إطلاقا أنها قد يصادفها الجفاف والملل العاطفي بسبب جهل زوجها بثقافة الزواج "الثقافة الجنسية" وقبل ذلك جهله بتعاليم دينه وسنة الحبيب المصطفى، وأيضا .. لحيائها الذي يمنعها أن تقول : أريد حبّا وحنانا، وتضطرب مشاعرها حين تكتشف أن شريك حياتها لا يهمه أمرها ولا احتياجاتها وأنها لا قيمة لها سوى تحقيق سعادته وتلبية رغباته فقط . نوضح بدايةً أنه ينبغي أن نكون على علم بأن الله سبحانه وتعالى، قد أنزل في كتابه الكريم الكثير من الأمور الخاصة بالجنس، وفيه شواهد تطبيقية على أن ذكر الأمور الجنسية في مناسبتها لا يتعارض مع الحياء بوجه من الوجوه بل على العكس يعطى لنا الصورة الصحيحة، وقد أنزل الله كتابه نورًا لعباده، ويسره لهم ليتلوه جميعا ويتدبره الرجل والمرأة والشاب والشيخ، فقال تعالى: ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِر ٍ ) (سورة القمر الآية: 40) .
وعلى الرغم من أن الرسول صلى الله عليه وسلم كماروي أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها"، رواه البخاري ومسلم ، الا انه لم يمنعه الحياء الجم من أن يعلم الناس أمور الجنس، ويستمع إلى أسئلتهم وشكاواهم المتعلقة بذلك في سماحة ويسر، حتى وإن كانت بعض تلك الأسئلة و الشكاوى الصارخة التعبير.
لذلك فقد حرصنا على ان نسلط بصيصا من الضوء على هذه النقطة التي قد تسبب غياب السعادة الزوجية على كثير من الأسر لا لسبب سوى الخجل الشديد من هذا الأمر ، علاوة عن غياب الثقافة الجنسية لدى كثير من الأزواج الذين لايعلمون أن هذا الأمر يعتبر ظلما لزوجته ، وجهله بسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي قال: "إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها ، فإذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها" ، وإذا كان الأمر كذلك، وكان واجب الزوج بنص الحديث الشريف أن يساعد زوجته حتى تقضي حاجتها؛ فإنه يصبح لزامًا على كل زوج أن يتعلم كل ما يعينه على تحقيق هذه الغاية؛ فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
لماذا الخجل
كثيرا من الأزواج يخجلون من السؤال عن الطرق التي تحقق له ولزوجته السعادة أثناء هذه العلاقة الحميمة فلماذا الخجل؟ فهذه العلاقة مثلها مثل أى شيء في الحياة تتم بالتعلم كأي أمر من أمور حياتنا نتعلمه بالممارسة وبالاستفادة من الخبرات المتراكمة والأخطاء، وكذلك الاستفادة من خبرة الغير، وحاله في هذا كحال الطفل الصغير الذي يقع كثيرًا في بداية تعلمه للوقوف والسي، ويحاول أن يبحث فيما حوله عن دعامة يستند عليها، ولا تمر إلا فترة قصيرة حتى نجده يجوب الأرض شرقًا وغربًا.
كثير من الأزواج يهملون هذه النقطة ويهتمون فقط بأنفسهم وليس لديهم رغبة في إسعاد زوجاتهم وكل همّهم أن يقضوا وطرهم مستندين بذلك لحديث والرسول صلى الله عليه وسلم " إذا دعا الرجل امرأته، فأبت أن تجيء، فبات غضبانَ عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح " ذلك يرجع لجهل فاضح في الرجل بالتعاليم النبوية التي حثت الزوج على حُسن معاشرة زوجته ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لمن كان يصوم النهار ويقوم الليل من أصحابه مثل عبد الله بن عمرو:" إن لبدنك عليك حقًا، وإن لأهلك (أي امرأتك) عليك حقًا " قال الإمام الغزالي: " ينبغي أن يأتيها في كل أربع ليال مرة، فهو أعدل، إذ عدد النساء أربع (أي الحد الأقصى الجائز) فجاز التأخير إلى هذا الحد ، نعم ينبغي أن يزيد أو ينقص بحسب حاجتها في التحصين ، فإن تحصينها واجب عليه ".
ومما لفت الإسلام إليه النظر ألا يكون كل هم الرجل قضاء وطره هو دون أي اهتمام بأحاسيس امرأته ورغبتها ولهذا روى في الحديث الترغيب في التمهيد للاتصال الجنسي بما يشوق إليه من المداعبة والقبلات ونحوها، حتى لا يكون مجرد لقاء حيواني محض ، ولم يجد أئمة الإسلام وفقهاؤه العظام بأسًا أو تأثيمًا في التنبيه على هذه الناحية التي قد يغفل عنها بعض الأزواج.
فهذا حجة الإسلام، إمام الفقه والتصوف فيقول أبو حامد الغزالي فى هذا الموضوع : (وليغطِّ نفسه وأهله بثوب، وليقدم التطّـلف بالكلام والتقبيل . قال صلى الله عليه وسلم: " لا يقعن أحدكم على امرأته، كما تقع البهيمة، وليكن بينهما رسول قيل وما الرسول يا رسول الله ؟ قال: القبلة والكلام
قال الغزالي: (ثم إذا قضى وطره فليتمهل على أهله حتى تقضي هي أيضًا نهمتها، فإن إنزالها ربما يتأخر، فيهيج شهوتها، ثم القعود عنها إيذاءً لها . والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافر مهما كان الزوج سابقًا إلى الإنزال، والتوافق في وقت الإنزال ألذ عندها ولا يشتغل الرجل بنفسه فإنها ربما تستحي
وبعد الغزالي، نجد الإمام السلفي الورع التقي أبا عبد الله بن القيم يذكر في كتابه " زاد المعاد في هدى خير العباد " هديه صلى الله عليه وسلم في الجماع ، ولا يجد في ذكر ذلك حرجًا دينيًا، ولا عيبًا أخلاقيًا، ولا نقصًا اجتماعيًا، كما قد يفهم بعض الناس في عصرنا ، ومن عباراته: أما الجماع والباءة فكان هديه فيه أكمل هدى، يحفظ به الصحة، ويتم به اللذة وسرور النفس، ويحصل به مقاصده التي وضع لأجلها . فإن الجماع وضع في الأصل لثلاثة أمور، هي مقاصده الأصلية:
أحدها: حفظ النسل، ودوام النوع إلى أن تتكامل العدة التي قدر الله بروزها إلى هذا العالم.
الثاني: إخراج الماء الذي يضر احتباسه واحتقانه بجملة البدن.
والثالث: قضاء الوطر، ونيل اللذة، والتمتع بالنعمة . وهذه وحدها هي الفائدة التي في الجنة.
قال: ومن منافعه: غض البصر، وكفّ النفس، والقدرة على العفة عن الحرام، وتحصيل ذلك للمرأة، فهو ينفع نفسه، في دنياه وأخراه، وينفع المرأة . ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يتعاهده ويحبه، ويقول: "..حبب إلي من دنياكم النساء والطيب...".
وفي كتاب الزهد للإمام أحمد في هذا الحديث زيادة لطيفة وهي: " أصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهن " ، وحث أمته على التزويج فقال: " تنكاحوا تناسلوا فإني مكاثر بكم الأمم " وقال: " يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج . . . "، ولما تزوج جابر ثيّـبًا قال له: " هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك ".
ثم قال الإمام ابن القيم: " ومما ينبغي تقديمه على الجماع ملاعبة المرأة وتقبيلها . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلاعب زوجاته، ويقبلهن . وروى أبو داود: " أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة ويمص لسانها " ويذكر عن جابر بن عبد الله قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المواقعة قبل المداعبة " (زاد المعاد، جـ 3، ص 309، ط. السنة المحمدية) ، وهذا كله يدلنا على أن فقهاء الإسلام لم يكونوا " رجعيين " ولا " متزمتين " في معالجة هذه القضايا، بل كانوا بتعبير عصرنا " تقدميين " واقعيين.
وخلاصة القول: إن الإسلام عُـني بتنظيم الناحية الجنسية بين الزوجين، ولم يهملها حتى أنّ القرآن الكريم ذكرها في موضعين من سورة البقرة التي عنيت بشؤون الأسرة:
وليس هناك أجمل ولا أبلغ ولا أصدق من التعبير عن الصلة بين الزوجين من قوله تعالى: ( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ) بكل ما توجبه عبارة " اللباس " من معاني الستر والوقاية والدفء والملاصقة والزينة والجمال ، وقد جاءت الأحاديث النبوية تفسر الاعتزال في الآية الأولى بأنه اجتناب الجماع فقط دون ما عداه من القبلة والمعانقة والمباشرة ونحوها من ألوان الاستمتاع، كما تفسر معنى (أنَّى شئتم) بأن المراد: على أي وضع أو أي كيفية اخترتموها ما دام في موضع الحرث، وهو القُـبُل كما أشارت الآية الكريمة.
وأخيرا يجب أن يحرص كل زوج أو من هم على أبواب الزواج أن يحرصوا على أن يكونوا على وعى تام بالثقافة الجنسية حتى يسعدوا هم ويُسْعدوا زوجاتهم وخصوصا بعد أن عرفنا أن ذلك حق من الحقوق التي حث عليه القران الكريم والسنة المطهرة
BolBola الادارة
عدد الرسائل : 3047 العمر : 43 العمل/الترفيه : internet البلد : حالة المزاج : الأوسمة : تاريخ التسجيل : 02/09/2007
موضوع: رد: دع الخجل..واستمتع بحياتك الزوجية الجمعة 11 يناير 2008 - 16:07